مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف

الإثنين 8 رجب 1444 / 30 يناير 2023

المهام الرئيسية:

تتولى مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف المهام التالية:

  • القيام، بأمر إعادة نسخ المصحف الشريف برواية ورش عن نافع وفق القواعد المعتمدة في علوم الرسم والوقف والضبط والقراءات.
  • الإشراف على طبع المصحف الشريف، والعمل على نشره وتوزيعه.
  • الإشراف على تسجيل تلاوة المصحف الشريف ولاسيما برواية ورش عن نافع عن طريق استعمال مختلف أنواع الدعائم المتعددة الوسائط.
  • الترخيص للأشخاص الذاتيين والاعتباريين الراغبين في طبع المصحف الشريف أو في توزيعه.
  • القيام بأعمال المراقبة والتدقيق للنسخ المطبوعة أو المسجلة من المصحف الشريف، لضمان سلامتها من الأخطاء، وللتأكد من حصولها على الترخيص المشار إليه في البند 4 أعلاه، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحجزها ومنعها من التداول عند الاقتضاء، علاوة على حفظ حق المؤسسة في اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة تطبيقا للقوانين الجاري بها العمل.
  • إقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والهيئات العامة والخاصة على الصعيدين الوطني والدولي قصد مساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها.

الظهير المؤسس

الظهير الشريف رقم 1.09.198 الصادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010)

للاتصال بالمؤسسة

  • العنوان: زاوية شارع عبد الله ابن ياسين وزنقة ابن زيدون، المحمدية
  • الهاتف: 05.23.31.85.10
  • الفاكس: 05.23.31.85.11
  • الموقع الالكتروني: http://mushafmohammedi.com

تنديد واسع بسماح السويد بحرق المصحف الشريف

توالت ردود الفعل العربية والإسلامية والأجنبية المنددة بسماح السلطات السويدية، اليوم السبت، لزعيم حزب “الخط المتشدد” الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم.

وأدانت منظمة التعاون الإسلامي “بأشد العبارات حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد“، واعتبرت ذلك “عملا استفزازيا يستهدف المسلمين ويهين قيمهم المقدسة“، وقال أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه: “إن هذا الفعل يشكل مثالا آخر على المستوى المقلق الذي وصلت إليه الإسلاموفوبيا، داعيا السلطات السويدية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مرتكبي جريمة الكراهية هذه“.

عدوان صادر عن الجهل:

من جهته، عبّر المجلس العلمي الأعلى عن إدانة المملكة المغربية الشديدة للحادثة، مؤكدا على موقف الرباط الثابت الداعي إلى أهمية نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش، ونبذ الكراهية والتطرف، كما استنكر المجلس العلمي الأعلى، الذي يترأسه أمير المؤمنين الملك محمد السادس، جريمة إحراق المصحف الشريف بستوكهولم يوم السبت الأخير، وفي ما يلي نص بلاغ المجلس العلمي الأعلى الصادر اليوم الأحد بهذا الخصوص:

إن المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعزه الله، وبعد أن علم بما ارتكبته أيد متطرفة في عاصمة السويد من القيام بإحراق المصحف الشريف، يعلن ما يلي:

استنكار هذه الجريمة بأشد عبارات الإدانة؛ واعتبار القيام بإحراق المصحف الشريف عدوانا صادرا عن الجهل بالقيم الإنسانية المثلى التي يدعو إليها القرآن الكريم؛ واستنكار التواطؤ الذي قد يكون صاحب هذا الأمر بأي شكل من الأشكال؛ والاستغراب الشديد لأن يكون هذا الفعل الشنيع قد وقع في بلد يدعو إلى مبادئ السلام والتعايش في العالم؛ واعتبار هذه الجريمة مسيئة إلى المسلمين ومستفزة لمشاعرهم؛ واعتبار هذه الجريمة غير قابلة لأي تبرير مهما كان.

وعلى أساس كل هذه الاعتبارات، فإن المجلس العلمي الأعلى يتوقع القيام بالإجراءات التي تبين لعقلاء الناس في كل مكان أن هذا الفعل الشاذ إنما هو صادر عن الجهالة التي ينبغي أن يتعاون الحكماء على التقليل من آثارها المدمرة.

فضل العفو والإصلاح بين الناس

سنتطرق في هذه المقالة -بإذن الله- إلى موضوع مهم نحتاجه جميعا بلا استثناء، وما ذاك إلا لأنه انتشر بين الناس، وعمت الفرقة بينهم، حتى دب الأمر إلى الأسرة الواحدة، بل إلى الولد مع أبويه فضلا عن الجيران والأقارب، إنها النفرة، وفساد ذات البين بين الناس، ولو فتشت عن سبب القطيعة والنفرة لوجدته هينا، ولكن الشيطان نفخ فيه وفخمه، وباعد بين الطرفين، ولضعف الإيمان وجد الشيطان قابليةً له بين الناس فأصبح يحرش بينهم، ويفرق الأواصر، ويقطعها.

أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابر، قال صلى الله عليه وسلم: “إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم”، يعني قدر على التحريش، ونجح فيه.

الناس في الفرقة والقطيعة بين اثنين ظالمٍ معتد، ومظلومٍ معتدى عليه، ويعظم الاعتداء والظلم من شخص لآخر، فيبدأ بكلمة لا تليق، وينتهي بالقتل، فإذا دبت الفرقة بين الطرفين دخل الشيطان بينهما؛ فإن كان سبب الخلاف من أمور الدين، فلا صلح بين الطرفين إلا بالدين، بأن ينزع العاصي، ويزول المنكر، وأما إن كان السبب من أمور الدنيا، فالهجر بينهما محرم لا يجوز وخيرهما الذي يعفو ويصفح، ويبدأ بالسلام.

أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي أيوب قال صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”.

أسباب الهجر ووقوع الخلاف:

للهجر بين الناس ولوقوع الخلاف بينهم في مجتمعنا أسباب وعوامل؛ فمن أهمها:

  1. إطلاق اللسان بالكلام على عواهنه بلا تروٍ يفسد بين الناس؛ كما قال تعالى: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [الإسراء: 53]، فمن لم يتكلم بالتي هي أحسن فإن الشيطان ينزغ بينهم بالإفساد والقطيعة، حتى ولو لم يكن المتكلم يقصد ما وقع في قلب الآخر، بل إن مجرد كثرة الكلام مع الآخرين خصوصا إذا مزجت بالمزاح يدس فيها الشيطان ما يفسد العلاقة، ويوغر الصدور.
  2. العتاب بالكلام الذي يقع بين المسلمين أمام الناس، فإنه يوغر الصدور، ويطيل زمن الفرقة، وللشيطان فيه نصيب كبير.
  3. سوء الظن بالآخرين، فتجد المرء يحمل كلام أخيه على أسوء المحامل، مع أنه يجد لها في الخير محملا.
  4. ضيق النفس، وعدم التحمل، والواجب على الجميع أن يعفوَ ويصفح? عن زلات أخيه، ولو أخطأ عليه، وعليه أن يجعل مناصحته له تكون سرا، فكما أنك قد تزل أحيانا بما لا يليق، فالناس كذلك يزلون، فلتتسع صدورنا للآخرين، ولنمح زلاتهم، فعما قليل يراجعون.
  5. سوء الخلق من البعض، فبعض الناس يعيش بأخلاق سيئة، فلا يحتمله الناس ولا يقبلونه، وتجده في عداء مع الكثير من الناس، فمن أحب أن يقل شانؤوه، ويكثرَ محبوه، فليحسن خلقه، وليبدأ بالكلمة الطيبة، وليتجنب ألفاظ السوء، فضلا عن أفعاله، فإن المسلم مطالب أن يحسّن معاملته في كل شيء، بدأ بمعاملته مع الله -سبحانه- في أدائه لعباداته، ونهاية بالحيوانات، قال تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195].
  6. نقل الكلام بين الناس، ألا وهي النميمة، فالنمام يفسد في ساعة مالا يفسده الساحر في سنة، ولهذا حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- منها، وسماها العَضْه، أخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود مرفوعا: “ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس”، وصدق الله العظيم القائل: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
  7. مخالفةُ الهدي النبوي في المعاملة بين الناس، وذلك كمناجاة الرجلين دون الثالث، وعدم إجابة الدعوة، وعدم إفشاء السلام، وعدم التواصل والزيارة، خصوصا للمرضى والمحاويج.

دور التقريب وأهمية العفو:

لا بد من الإشارة إلى أن أحسن الناس من كان مفتاحا لكل خير، مغلاقا لكل شر، يسعى بين الناس للإصلاح، وذلك من أعظم الطاعات، فلقد كان من شأن النبي -صلى الله عليه وسلم- الإصلاح بين الناس، ومن عظيم فضل الإصلاح بين الناس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح الكذب فيه، أخرج البخاري ومسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة مرفوعا: “ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس، فينمي خيرا ويقول خيرا”.

وفي الجهة المقابلة يجب علينا عندما يخطئُ علينا أحدٌ من الناس أن نسعى إلى العفو والصفح؛ لأننا نرجو ثواب الله، ونغلب جانب الخير فيمن أخطأ علينا، ونتذكر حسناته الكثيرات، ونسمح عن السيئات القليلات في حقنا، ولنعلم أن من صفات الله أنه العفو؛ كما قال تعالى: ﴿إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [النساء: 149].

ولهذا كان من أعلى خصال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يعفو عمن ظلمه، وهكذا الصحابة من بعده فمن القصص التي سطرها التاريخ وكتب أهل العلم عن عفو النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس قال: كنت أمشي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: “مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه، فضحك، ثم أمر له بعطاء”.

أخرج البخاري في صحيحه من حديث عبد الله -رضي الله عنه- قال: لما كان يوم حنين آثر النبي -صلى الله عليه وسلم- أناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: والله إن هذه القسمة ما عُدل فيها، وما أريد بها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتيته فأخبرته، فقال: “فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله، رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر”.

وإن ننسى من المواقف الكثيرة، فلا ننسَ عفوه عن أهل مكة عندما فتحها، فهؤلاء القوم هم الذين طردوه من بلده، وسبوه، وسبوا ربه، وصدوا عن سبيل الله، ووصفوه بكل وصف قبيح، فلما قدر عليهم، قال: “أذهبوا فانتم الطلقاء”.

ومن عفو أصحابه من بعده: قصة أبي بكر مع مسطح بن أثاثة الذي خاض في عرض عائشة، وقذفها بالزنا، وكان أبو بكر ينفق عليه، فلما فعل ما فعل قطع النفقة عنه وحلف أن لا يعطيه بعدها شيئا، فأنزل الله: (وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[النــور: 22] فلما سمعها أبو بكر رد النفقة عليه، وكفر عن يمينه، وقال: “بلى، والله إني أحب أن يغفر الله لي” [والحديث في البخاري]، ومن فوائد هذا الحديث: أن من أراد أن يعفو عنه الله فليعف عن الناس، فالجزاء من جنس العمل.

إن الذي يصدر منه الخطأ تجاهنا لا يخلو من أن يكون عاقلا، فهذا نحتمل خطأه لعقله، أو حاسدا، فهذا نعرض عنه ليحرق قلبه، أو جاهلا، فهذا نعرض عنه لنسلم من شره؛ كما قال الأول:

يزيد سفاهة فأزيد حلما *** كعود زاده الإحراق طيبا

وقال الآخر:

إذا نطق السفيه فلا تجبه *** فخير من إجابته السكوت

إن الذين يصرون على هجران إخوانهم بسبب ملاحاة بينهم، أو سوءِ عشرة، هم يطيعون الشيطان، ويعصون الرحمن، فضلا على أنهم يحرمون أنفسهم من خير عظيم، وهبه الله للناس في كل أسبوع؛ أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا: “تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين: يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا”.

ونحتم بالدعوة إلى ضرورة مراجعة أنفسنا، ومواصلة كل من قاطعناه من أجل الدنيا، فالدنيا فانية، وليست بأهل أن يتشاجر عليها الناس.

إعادة طرح أكبر مؤلف مغربي في المذهب المالكي

في 71 مجلدا أصدرت الرابطة المحمدية للعلماء أوسع شرح لـ”مختصر خليل”، الذي يعدّ أكبر كتاب ألّف في المذهب المالكي، وهو للقاضي الفقيه أبي علي الحسن بن رحّال المعداني (التدلاوي ثم الفاسي)، الذي توفي سنة 1140 هجرية، وعاش بين القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، وهو دفين مدينة مكناس.

ويعد “فَتْحُ الفَتّاحِ على مختصر الشيخ خليل”، وفق الرابطة المحمدية للعلماء، “خزانة موسوعية في توثيق الأعراف والعوائد التي تنبني عليها الأحكام الشرعية، وما اعتراها من أحوال وتغيرات، ترتب عليها تغير الفتاوى والأقضية”.

ويتضمن هذا الكتاب الذي طبع بدار ابن حزم بلبنان “مسحا شاملا لمصادر المذهب المالكي”، واقتصر فيه مؤلفه على “أبواب المعاملات” دون “أبواب العبادات”، وشرح مسائله موردا ما اتصل بها من فتاوى النوازل، وأجوبة مسائل الأحكام، واجتهادات قضائية، وما جرى به العمل عند القضاة والموثّقين والنوازليين عبر الأزمنة والبلدان، خاصة بالمغرب والأندلس.

هذا العمل الذي شارك في تحقيقه جماعة من الأساتذة، تحت إشراف مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي التابع للرابطة المحمدية للعلماء، أداره محمد العلمي، رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي والأستاذ بكلية الحقوق بسلا.

وقال مدير العمل، في تصريح لهسبريس، إن “فتح الفتاح” يعد “أكبر شرح للمصدر المعتمد في الفتوى في المذهب المالكي، وهو مختصر الشيخ خليل المتوفى سنة 779هـ”؛ فـ”من أصل حوالي 420 شرحا وحاشية ألفها المالكية على هذا المختصر، اعتبر “فتح الفتاح” أكبر شرح من بينها، خصوصا أنه اقتصر فيه على المعاملات، حيث بدأ من باب النكاح إلى باب الفرائض، ولم يتعرض لأبواب العبادات”.

وأضاف “لقد ألف “فتح الفتاح” في عهد السلطان مولاي إسماعيل بن الشريف، ولم يؤلف بعده ولا قبله بالمغرب أكبر منه، فهو أضخم مجهود علمي في فقه المعاملات في عهد الدولة العلوية الشريفة. بل أكاد أجزم بأنه من أكبر كتب الفقه في المذاهب الأربعة، حيث لم نجد في مصادرها ما بلغ هذا الحجم في فقه المعاملات فقط.”

وأحاط ابن رحال في هذا الكتاب، وفق المصدر نفسه، بـ”الاجتهادات الفقهية والقضائية والتأويلية لأزيد من ثمانية قرون من المذهب المالكي، حتى قالوا عنه: كاد يحتوي على جميع نصوص المذهب. كما اشتمل على روح موسوعية وعميقة معا في الاستدلال والتعليل والتوجيه للمسائل الفقهية، والإفادة من المذاهب المختلفة ومناقشاتها، والاختيار والترجيح بينها.”

وتابع رئيس مركز البحوث في الفقه المالكي قائلا: “وحيث إن الفقه الإسلامي يتطور بالنوازل والأقضية، فقد دعم المؤلف شرح المسائل الفقهية بإيراد ما يتصل بها من فتاوى النوازل، وأجوبة مسائل الأحكام، واجتهادات قضائية، وما جرى به العمل عند القضاة والموثقين والنوازليين عبر الأزمنة والبلدان، خصوصا بالمغرب والأندلس.”

هذا الكتاب يمثل أيضا “خزانة موسوعية في توثيق الأعراف والعوائد التي تنبني عليها الأحكام الشرعية، وما اعتراها من أحوال وتغيرات، أثرت على تغير الفتاوى والأقضية، وتطور الرؤية الفقهية ومواكبتها للمستجدات”، وهو ما يكشف عن “جانب من أسلوب علماء المغرب وإسهامهم في عصر النهضة”.

وحول راهنية الكتاب، ذكر المدير المشرف على العمل أن “فتح الفتاح ينتمي إلى دائرة المصادر الآمنة والمسؤولة للثقافة الدينية والفقه الإسلامي، في زمن حصل تشويش عام في مصادر المعرفة الدينية؛ جراء النزعات الفوضوية والتفكيكية التي تحاصر الشباب وتدفعهم إلى أوضاع مجهولة، وبعيدة عن الثقافة التي سهر العلماء وأولو الأمر على سيادتها في المجتمعات الإسلامية طيلة التاريخ.”

وأضاف “هذا الكتاب وإن كان كتاب تخصص، فإنه مصدر مهم جدا لمن يتصدى للتوجيه الديني والإفتاء في المعاملات، حيث يمنحه معرفة فقهية صحيحة، ويمكنه من كافة الاجتهادات والأنظار الفقهية المسؤولة، التي كانت أساس التساكن الاجتماعي وقوام الأمن الروحي والمشروعية الدينية في آن واحد.”

لهذه الأسباب، يقول العلمي إن تحقيق هذا العمل بدأ “في مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بعناية كريمة وإشراف مباشر من السيد الأمين العام د أحمد عبادي، في شتاء سنة 2011م”، وهكذا “حصّلنا مجموعة من النسخ الخطية، أهمها نسخة المؤلف ابن رحال التي حبَّسها وقفا على أبنائه ثم على خزانة القرويين التي تحتفظ بها إلى الآن تحت عدد: 2012، وتقع في ستة أسفار كبار. كما حصلنا على نسخ خطية مساعدة، أهمها نسخة الخزانة الحسنية بعدد: 8650.”

وتابع قائلا: “لقد تم تحقيق الكتاب على مرحلتين: أولاهما: خصصناها لكتابة النص وتصحيحه. والثانية لتحقيق النص وتوثيقه. وانتهت المرحلة الأولى سنة 2014، ولم تنته المرحلة الثانية إلا في شتاء سنة 2019.”

ونهض بهذا العمل فريق من ثلاث مجموعات، أولاها: مجموعة الأساتذة والعلماء المحققين، وقد استقر عددهم في 41 باحثا، منهم 23 أستاذا جامعيا، منهم 12 باحثا حاصلا على الدكتوراه من منتسبي المراكز التابعة للرابطة وغيرهم، ومنهم 4 مسجلون حاليا في الدكتوراه، وبينهم فقيهان من العلماء المدرسين في التعليم العالي العتيق، وقد كان ضمن المشاركين في التحقيق ثلاث باحثات متخصصات في الفقه المالكي.

وثاني المجموعات لجنة للتحكيم والمراجعة، وهي لجنة علمية عينها الأمين العام لرابطة العلماء برئاسة عبد اللطيف الجيلاني، رئيس مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة، وعضوية محمد السرار، رئيس مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة التابع للرابطة، ومحمد العلمي، رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي، مع مساعدة الناجي لمين، أستاذ بمؤسسة دار الحديث الحسنية، في تحقيق عدد من الأجزاء.

أما ثالث المجموعات فكان دورها “الإدارة والتنسيق”، وترأسها رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي، وكان أعضاؤها من باحثي المركز.

وبعد نهاية العمل، يقول العلمي، “قمنا بتحرير دراسة للكتاب ومؤلفه، خصصنا لها المجلد الأول، ثم ذيلنا النص بمعجم لأهم المصطلحات والأعلام والكتب المذكورة في “فتح الفتاح”، وخصصنا المجلدين الأخيرين للفهارس الموضوعية لكل الأجزاء.”

وبعد صدور الكتاب عقب 11 سنة من البناء والتتميم، رجّح رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي أن أول ما سيعكف عليه الباحثون هو “إعداد فهارسه العلمية، خصوصا فهرس المسائل الفقهية، الذي سييسِّر الوقوف على المحتويات لطلابها في وقت سريع”.

وفي ختام تصريحه لهسبريس، جدد رئيس المركز التابع للرابطة المحمدية للعلماء شكره لـ”السادة الأساتذة العلماء المحققين والمحكمين، الذين بذلوا جهدا عظيما لا يعلمه إلا الله ليخرج هذا العمل الذي يشرف المؤسسة ويشرف الوطن، ويقدم صورة مشرقة عن علماء المغرب وباحثيه.”

المصدر:هسبريس